«فورين بوليسي»: قرار ميتا بتخفيف قيود المحتوى يهدد الاستقرار بالدول الهشة

«فورين بوليسي»: قرار ميتا بتخفيف قيود المحتوى يهدد الاستقرار بالدول الهشة
شركة ميتا

تناولت مجلة "فورين بوليسي" في تحليل موسع القرارات المثيرة للجدل التي أعلنها مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة "ميتا"، والتي تتضمن تخفيف القيود المفروضة على المحتوى على منصاتها الرئيسية مثل فيسبوك وإنستغرام، بالإضافة إلى إلغاء برنامج التدقيق الحقائقي في الولايات المتحدة، وبينما يتم الترويج لهذه التغييرات على أنها تعزيز لحرية التعبير، يعتقد خبراء ومراقبون أن لهذه السياسات تداعيات خطيرة قد تهدد استقرار العديد من الدول الهشة حول العالم.

وأعلن زوكربيرغ في مقطع فيديو مدته 5 دقائق عن تغييرات كبيرة في سياسات ميتا، أبرزها تقليل تدخل الشركة في تنظيم المحتوى، واشتملت هذه القرارات على السماح بمناقشة مواضيع كانت محظورة سابقاً مثل الهجرة والجندر، إلى جانب تخفيف القيود المفروضة على أنظمتها الآلية لرصد وإزالة المحتوى الضار.

وتضمنت التغييرات قراراً بإلغاء نظام التدقيق الحقائقي في الولايات المتحدة، واستبداله بنظام جديد يعتمد على مساهمات المستخدمين في الكشف عن الأخبار الكاذبة، فيما يُعرف بـ"الملاحظات المجتمعية"، يُشبه هذا النظام النهج الذي تبنّاه إيلون ماسك على منصة إكس (تويتر سابقاً).

مخاوف من التداعيات

رأت "فورين بوليسي" أن هذه القرارات قد تؤدي إلى عواقب غير محسوبة، خاصة في الدول الهشة التي تواجه توترات سياسية واجتماعية كبيرة، وأبرزت المجلة الأمريكية المخاوف من أن يؤدي تخفيف القيود إلى زيادة انتشار المعلومات المضللة، التي قد تؤجج الصراعات وتفاقم الأزمات.

وذكّرت المجلة بحوادث سابقة تثبت خطورة السياسات غير المدروسة في الإشراف على المحتوى، ففي عام 2018، اعترفت ميتا بأنها فشلت في الحد من استخدام منصاتها للتحريض على العنف في ميانمار، مما أسهم في جرائم تطهير عرقي، وواجهت الشركة اتهامات مماثلة في دول مثل إثيوبيا وسريلانكا، حيث اتُهمت منصاتها بلعب دور في تصعيد النزاعات الطائفية والسياسية.

المدققون في خطر

أعرب خبراء ومنظمات دولية عن قلقهم من فقدان برنامج التدقيق الحقائقي الذي يعتمد عليه عدد كبير من الدول، خاصة تلك التي تعاني من انتشار الأخبار الكاذبة، وأوضحت "فورين بوليسي" أن برامج ميتا العالمية للتدقيق تضم أكثر من 100 منظمة في 60 لغة مختلفة، وتشمل مناطق ساخنة مثل أوكرانيا، وتايوان، وفلسطين.

وحذرت منظمات مثل الشبكة الدولية للتدقيق الحقائقي (IFCN) من أن إلغاء هذه البرامج قد يعرّض ملايين المستخدمين حول العالم لمخاطر الأخبار الكاذبة والتحريض على العنف.

وأشارت رسالة مفتوحة وقّعتها العشرات من المنظمات إلى أن تخلي ميتا عن هذه المسؤولية قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في دول حساسة سياسياً.

بين حرية التعبير والمصالح السياسية

تساءلت "فورين بوليسي" عن دوافع هذه التغييرات، مشيرة إلى أنها قد تكون محاولة من زوكربيرغ لإعادة بناء علاقة شركته مع الإدارة الأمريكية المقبلة بقيادة دونالد ترامب.

وأوضحت أن ميتا تسعى إلى تعزيز دعم الحكومة الأمريكية في مواجهة الضغوط الدولية، لا سيما من الاتحاد الأوروبي والصين وأمريكا اللاتينية، التي تفرض لوائح صارمة على شركات التكنولوجيا الكبرى.

ورأت المجلة أن هذه القرارات قد تكون سلاحاً ذا حدين، حيث إن الاعتماد على دعم ترامب قد يعرض ميتا لخطر التحول إلى أداة سياسية في صراعات دولية معقدة.

واختتمت "فورين بوليسي" تقريرها بالتأكيد أن تخفيف قيود المحتوى من قبل ميتا يُمثل تحدياً كبيراً للجهود العالمية لمكافحة الأخبار الكاذبة، مشيرة إلى أن هذا القرار قد يعيد تشكيل المشهد الرقمي في العالم، مع تداعيات تتجاوز الولايات المتحدة لتصل إلى كل زاوية تعتمد على ميتا كمصدر أساسي للمعلومات.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية